فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{عسيتم} بكسر السين حيث كان نافع. الباقون بالفتح. وزاده بالإمالة: حمزة ونصير وابن مجاهد والنقاش عن ابن عباس وذكوان. {بصطه} بالصاد: أبو نشيط والشموني غير النقاد، وكذلك {بباصط} [المائدة: 28] {ويبصط الرزق} [الرعد: 26] {ولا تبصطها كل البصط} [الإسراء: 29] {فما اصطاعوا} [الكهف: 97] وما أشبه ذلك {مني إلا} بفتح الياء: أبو جعفر ونافع وأبو عمرو. الباقون بالسكون. {غرفة} بفتح العين: ابن كثير وأبو جعفر ونافع وأبو عمرو. الباقون بالضم {هو والذين} بالإدغام روى ابن مهران ومحمد العطار عن أبي شعيب وشجاع وكذلك ما أشبهها {فئة ومئة} وبابهما غير مهموزتين: يزيد وشموني وحمزة في الوقف {دفاع الله} وكذلك في سورة الحج: أبو جعفر ونافع وسهل ويعقوب. الباقون {دفع الله}.

.الوقوف:

{من بعد موسى} م لأنه لو وصل صار إذ ظرفًا لقوله: {ألم تر} وهو محال {في سبيل الله} ط {ألا تقاتلوا} ط {وأبنائنا} ط {تعظيمًا} لابتداء أمر معظم {منهم} ط {بالظالمين} O {ملكًا} ط {من المال} ط {والجسم} ط {من يشاء} ط {عليم} O {الملائكة} ط {مؤمنين} O {بالجنود} لا لأن قال جواب لما {بنهر} ج للابتداء بالشرط مع الفاء {فليس مني} ج للابتداء بشرط آخر اتحاد المقصود {بيده} ج لعطف المختلفين {منهم} ط تعظيمًا لابتداء أمر معظم {معه} لا لأن قالوا جواب لما {وجنوده} ط {ملاقو الله} لا لأن ما بعده مفعول قال: {بإذن الله} ط {الصابرين} O {الكافرين} O ط لأن ما قبله دعاء وما بعده خبر ماضٍ يتصل بكلام طويل بعده ولا وقف على بإذن الله لاتصال اللفظ واتساق المعنى فإن الهزيمة كانت من قتل داود جالوت {مما يشاء} ط {العالمين} O. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال ابن عاشور:

جملة: {ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل} استئناف ثان من جملة: {ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم} [البقرة: 243] سيق مساق الاستدلال لجملة: {وقاتلوا في سبيل الله} [البقرة: 190] وفيها زيادة تأكيد لفظاعة حال التقاعس عن القتال بعد التهيؤ له في سبيل الله، والتكرير في مثله يفيد مزيد تحذير وتعريض بالتوبيخ؛ فإن المأمورين بالجهاد في قوله: {وقاتلوا في سبيل الله} لا يخلون من نفر تعتريهم هواجس تثبطهم عن القتال، حبًا للحياة ومن نفر تعترضهم خواطر تهون عليهم الموت عند مشاهدة أكدار الحياة، ومصائب المذلة، فضرب الله لهذين الحالين مثلين: أحدهما ما تقدم في قوله: {ألم تر إلى الذين أخرجوا من ديارهم} والثاني قوله: {ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل} وقد قدم أحدهما وأخر الآخر ليقع التحريض على القتال بينهما.
ومناسبة تقديم الأولى أنها تشنع حال الذين استسلموا واستضعفوا أنفسهم، فخرجوا من ديارهم مع كثرتهم، وهذه الحالة أنسب بأن تقدم بين يدي الأمر بالقتال والدفاع عن البيضة؛ لأن الأمر بذلك بعدها يقع موقع القبول من السامعين لا محالة، ومناسبة تأخير الثانية أنها تمثيل حال الذين عرفوا فائدة القتال في سبيل الله لقولهم: {وما لنا ألا نقاتل} إلخ.
فسألوه دون أن يفرض عليهم فلما عين لهم القتال نكصوا على أعقابهم، وموضع العبرة هو التحذير من الوقوع في مثل حالهم بعد الشروع في القتال أو بعد كتبه عليهم، فلله بلاغة هذا الكلام، وبراعة هذا الأسلوب تقديمًا وتأخيرًا.
وتقدم القول على {ألم تر} [البقرة: 243] في الآية قبل هذه. اهـ.

.قال القرطبي:

الملأ: الأشراف من الناس، كأنّهم ممتلئون شرفًا.
وقال الزجاج: سموا بذلك لأنهم ممتلئون مما يحتاجون إليه منهم.
والملأ في هذه الآية القوم؛ لأنّ المعنى يقتضيه.
والملأ: اسم للجمع كالقوم والرهط.
والملأ أيضًا: حسن الخلقِ، ومنه الحديث: «أحسِنوا المَلأ فكلكم سَيَرْوَى». خرجه مسلم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

والملأ: الجماعة الذين أمرهم واحد، وهو اسم جمع كالقوم والرهط، وكأنه مشتق من الملْء وهو تعمير الوعاء بالماء ونحوه، وأنه مؤذن بالتشاور لقولهم: تمالأ القوم إذا اتفقوا على شيء والكل مأخوذ من ملء الماء؛ فإنهم كانوا يملأون قربهم وأوعيتهم كل مساء عند الورد، فإذا ملأ أحد لآخر فقد كفاه شيئًا مهمًا؛ لأن الماء قوام الحياة، فضربوا ذلك مثلًا للتعاون على الأمر النافع الذي به قوام الحياة والتمثيل بأحوال الماء في مثل هذا منه قول علي «اللهم عليك بقريش فإنهم قد قطعوا رحمي وأكفأوا إنائي» تمثيلًا لإضاعتهم حقه. اهـ.
وقال ابن عاشور:
وقوله: {من بعد موسى} إعلام بأن أصحاب هذه القصة كانوا مع نبيء بعد موسى، فإن زمان موسى لم يكن فيه نصب ملوك على بني إسرائيل وكأنه إشارة إلى أنهم أضاعوا الانتفاع بالزمن الذي كان فيه رسولهم بين ظهرانيهم، فكانوا يقولون: اذهب أنت وربك فقاتلا، وكان النصر لهم معه أرجى لهم ببركة رسولهم، والمقصود التعريض بتحذير المسلمين من الاختلاف على رسولهم.
وتنكير نبيء لهم للإشارة إلى أن محل العبرة ليس هو شخص النبي فلا حاجة إلى تعيينه، وإنما المقصود حال القوم وهذا دأب القرآن في قصصه. اهـ.

.قال الفخر:

قوله تعالى: {إِذْ قَالُواْ لِنَبِىّ لَّهُمُ ابعث لَنَا}.
تعلق هذه الآية بما قبلها من حيث إنه تعالى لما فرض القتال بقوله: {وقاتلوا فِي سَبِيلِ الله} [البقرة: 244] ثم أمرنا بالإنفاق فيه لما له من التأثير في كمال المراد بالقتال ذكر قصة بني إسرائيل، وهي أنهم لما أمروا بالقتال نكثوا وخالفوا فذمهم الله تعالى عليه، ونسبهم إلى الظلم والمقصود منه أن لا يقدم المأمورون بالقتال من هذه الأمة على المخالفة، وأن يكونوا مستمرين في القتال مع أعداء الله تعالى. اهـ.

.قال الماوردي:

{ابْعَثْ لَنَا مَلَكًا نُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} في سبب سؤالهم لذلك قولان:
أحدهما: أنهم سألوا ذلك لقتال العمالقة، وهو قول السدي.
والثاني: أن الجبابرة الذين كانوا في زمانهم استزلوهم، فسألوا قتالهم، وهو قول وهب والربيع. اهـ.

.قال الفخر:

لا شك أن المقصود الذي ذكرناه حاصل، سواء علمنا أن النبي من كان من أولئك، وأن أولئك الملأ من كانوا أو لم نعلم شيئًا من ذلك، لأن المقصود هو الترغيب في باب الجهاد وذلك لا يختلف، وإنما يعلم من ذلك النبي ومن ذلك الملأ بالخبر المتواتر وهو مفقود، وأما خبر الواحد فإنه لا يفيد إلا الظن، ومنهم من قال: إنه يوشع بن نون بن افرايم بن يوسف، والدليل عليه قوله تعالى: {مِن بَعْدِ موسى} وهذا ضعيف لأن قوله: {مِن بَعْدِ موسى} كما يحتمل الاتصال يحتمل الحصول من بعد زمان، ومنهم من قال: كان اسم ذلك النبي أشمويل من بني هارون واسمه بالعربية: إسماعيل، وهو قول الأكثرين، وقال السدي: هو شمعون، سمته أمه بذلك، لأنها دعت الله تعالى أن يرزقها ولدًا فاستجاب الله تعالى دعاءها، فسمته شمعون، يعني سمع دعاءها فيه، والسين تصير شينًا بالعبرانية، وهو من ولد لاوى بن يعقوب عليه السلام. اهـ.

.قال ابن عطية:

اختلف المتأولون في النبي الذي قيل له {ابعث}، فقال ابن إسحاق وغيره عن وهب بن منبه: هو سمويل بن بالي: وقال السدي: هو شمعون وقال قتادة: هو يوشع بن نون.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وهذا قول ضعيف، لأن مدة داود هي بعد مدة موسى بقرون من الناس، ويوشع هو فتى موسى، وكانت بنو إسرائيل تغلب من حاربها، وروي أنها كانت تضع التابوت الذي فيه السكينة والبقية في مأزق الحرب، فلا تزال تغلب حتى عصوا وظهرت فيهم الأحداث. وخالف ملوكهم الأنبياء، واتبعوا الشهوات، وقد كان الله تعالى أقام أمورهم بأن يكون أنبياؤهم يسددون ملوكهم، فلما فعلوا ما ذكرناه سلط الله عليهم أممًا من الكفرة فغلبوهم وأخذ لهم التابوت في بعض الحروب فذل أمرهم. وقال السدي: كان الغالب لهم جالوت وهو من العمالقة، فلما رأوا أنه الاصطلام وذهاب الذكر أنف بعضهم وتكلموا في أمرهم. حتى اجتمع ملأهم على أن قالوا لنبي الوقت: {ابعث لنا ملكًا} الآية، وإنما طلبوا ملكًا يقوم بأمر القتال، وكانت المملكة في سبط من أسباط بني إسرائيل يقال لهم: بنو يهوذا، فعلم النبي بالوحي أنه ليس في بيت المملكة من يقوم بأمر الحرب، ويسر الله لذلك طالوت. اهـ.

.قال القرطبي:

وهذه الآية هي خبر عن قوم من بني إسرائيل نالتهم ذِلة وغَلَبَةُ عدوّ فطلبوا الإذن في الجهاد وأن يؤمروا به، فلما أُمِروا كَعَّ أكثرهم وصبر الأقل فنصرهم الله.
وفي الخبر أن هؤلاء المذكورين هم الذين أُميتوا ثم أُحيوا، والله أعلم. اهـ.

.قال الفخر:

قال وهب والكلبي: إن المعاصي كثرت في بني إسرائيل، والخطايا عظمت فيهم، ثم غلب عليهم عدو لهم فسبى كثيرًا من ذراريهم، فسألوا نبيهم ملكًا تنتظم به كلمتهم ويجتمع به أمرهم، ويستقيم حالهم في جهاد عدوهم، وقيل تغلب جالوت على بني إسرائيل، وكان قوام بني إسرائيل بملك يجتمعون عليه يجاهد الأعداء، ويجري الأحكام، ونبي يطيعه الملك، ويقيم أمر دينهم، ويأتيهم بالخبر من عند ربهم. اهـ.
وقال الفخر:
أما قوله: {نقاتل في سَبِيلِ الله} فاعلم أنه قرئ: {نقاتل} بالنون والجزم على الجواب، وبالنون والرفع على أنه حال، أي ابعثه لنا مقدرين القتال، أو استئناف كأنه قيل: ما تصنعون بالملك، قالوا نقاتل، وقرئ بالياء والجزم على الجواب، وبالرفع على أنه صفة لقوله: {مَلَكًا}. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ} و{عَسِيْتُمْ} بالفتح والكسر لغتان، وبالثانية قرأ نافع، والباقون بالأُولى وهي الأشهر. قال أبو حاتم: وليس للكسر وجه، وبه قرأ الحسن وطلحة. قال مكيّ في اسم الفاعل: عَسٍ، فهذا يدل على كسر السين في الماضي.
والفتح في السين هي اللغة الفاشية.
قال أبو عليّ: ووجه الكسر قول العرب: هو عسٍ بذلك، مثل حرٍ وشَج، وقد جاء فَعل وفَعِل في نحو نَعَم ونعِم، وكذلك عَسَيت وعَسِيت، فإن أسند الفعل إلى ظاهر فقياس عسيتم أن يقال: عَسِيَ زيد، مثل رَضِيَ زيد، فإن قيل فهو القياس، وإن لم يقل، فسائغ أن يؤخذ باللغتين فتستعمل إحداهما موضع الأُخرى.
ومعنى هذه المقالة: هل أنتم قريب من التولي والفِرار؟. اهـ.